ملامح من تاريخ مصر القديمة (الفرعونية)
مقدمة
برزت الحضارة المصرية القديمة مع تحقيق الوحدة التاريخية على يد الملك (نعرمر) عام ۳۲۰۰ ق.م، ويشمل التاريخ المصري القديم العصور الفرعونية وعصر الاحتلال اليوناني والرومانى لمصر، والذي استمر ما يقرب من ألف عام.
وقد قسم المؤرخ المصري القديم (مانیتون) تاريخ مصر الفرعوني إلى ثلاثين أسرة حاكمة، وقسمه المؤرخون إلى ثلاثة عصور، يفصل بين كل دولة وأخرى عصر ضعف واضمحلال، ويضم كل عصر مجموعة من الأسر ويسبق العصور الثلاثة العصر العتيق.
العصور التاريخية لمصر القديمة (الفرعونية)
العصر العتيق (عصر بداية الأسرات)
الأسرة( ا - ٢ ) ٣٢٠٠ ق.م - ۲۸۰۰ ق.م
ارتبط تأسيس حكم الأسرة الأولى باسم الملك نعرمر الذي قام بتوحيد القطرين (البحري والقبلی).
وسلك ملوك العصر العتيق سياسة حكيمة في الربط بين الصعيد والدلتا بعد اتحادهما عن طريق المصاهرة وازدواج الألقاب، كما اهتموا بالأعياد الدينية في أرجاء البلاد.
وللعصر العتيق خصائص متعددة؛ من أهمها:
- قيام أول حكومة مركزية في تاريخ مصر بعد وحدتها.
- بناء مدينة منف (القلعة البيضاء) لتأمين وحدة البلاد بين الدلتا والصعيد.
- احتفاظ مصر بالاستقلال الكامل وتوطد الأمن بها.
أي أن حكومة الملك نعرمر (مینا) هي أول حكومة مركزية نشأت في التاريخ.
عصر الدولة القديمة (الأسرات ۳ - ٦)
( ٢٨٠٠ ق.م - ٢٢٠٠ ق.م )
اضطربت الأمور السياسية في نهاية العصر العتيق بعدها بدأت بلادنا عصراً جديداً يتدفق حيوية وشباباً هو عصر الدولة القديمة، والذي يبدأ بالأسرة الثالثة.
من الجدير بالذكر أن أطول فترة حكم في التاريخ كانت فترة حكم الملك بیبي الثاني من الأسرة السادسة، الذي اعتلى العرش وعمره ست سنوات وحکم 94 عاماً، ومات وعمره ۱۰۰ عام.
وتميز عصر الدولة القديم بحكومة منظمة، قوية البنيان
كثيرة الموارد، واسعة الثراء ساد فيها الأمن فاتجهت إلى التقدم واستطاع ملوكها بناء الأهرامات الضخمة، ويسمى عصرها بعصر بناة الأهرام.
وقد انتهى عصر الدولة القديمة بعد أول ثورة اجتماعية في التاريخ شملت أنحاء مصر وبدأ عصر الضعف والاضمحلال.
عصر الانتقال الأول الأسرات (الأسرات ۷ - ۱۰ )
( ٢٢٠٠ ق.م - ٢٠٦٥ ق.م )
في هذا العصر فقد الملوك السيطرة على البلاد وزاد نفوذ حکام الأقاليم، ولم يدينوا بالولاء للملك وامتنعوا عن دفع الضرائب، وظهر عدم الاستقرار واضطرب الأمن، فسادت الفوضى في كل مكان، وأهملت القوانين، وزادت أعمال السلب والنهب، وهكذا انهارت الدولة وانتشرت الفتن حتى قامت الأسرة الحادية عشرة.
ومن هنا نتعلم أن الأمن وتطبيق القانون يؤديان إلى الاستقرار وتحقيق التنمية في المجتمع.
عصر الدولة الوسطى ( الأسرات ١١ - ١٢ )
( ٢٠٦٥ ق.م - ١٧٧٥ ق.م )
استطاع الملك منتوحتب الثاني من ملوك الأسرة الحادية عشر إعادة توحيد البلاد وجعل عاصمتها طيبة وأخضع حکام الأقاليم وأضعف من نفوذ كبار الموظفين.
ثم حكم أمنمحات الأول مؤسس الأسرة الثانية عشر فنقل العاصمة من طيبة إلى (أثیت تاوی)، قرب بلدة اللشت الحالية بالعياط بمحافظة الجيزة، ليكون قريباً من الدلتا، ورغبته في أن تكون عاصمته على مقربة من منطقة خصبة يستغلها في مشروعات التوسع الزراعي.
وتعاقب من بعده ملوك عظام منهم الملك سنوسرت الثالث، وأمنمحات الثالث، الذي ساد في عهدهما الرخاء والطمأنينة ، وشيدا كثيراً من المباني في مختلف البلاد، واهتما بالری و الزراعة وحظي إقليم الفيوم أكثر من أي إقليم آخر بجهوده الاقتصادية والمعمارية.
عصر الانتقال الثاني ( الأسرات ۱۳ - ۱۷ )
( ١٧٧٥ ق.م - ١٥٧٠ ق.م )
بسقوط الأسرة الثانية عشر ضعفت البلاد، وتمزقت مرة أخرى، وتنازعها الأمراء والملوك، وزاد الصراع بين حكام الأقاليم والتنافس على السلطة، وقد أدى اضطراب
حال البلاد إلى طمع أعدائها؛ فسقطت في يد الهكسوس عام ١٧٣٠ ق.م، وهم قبائل رعوية جاءت من آسيا واحتلت مصر، واتخذت من أواريس "حات وعرت" عاصمة لها، وهي الآن "صان الحجر" بمحافظة الشرقية.
ومع ضعف الهكسوس وهب الله البلاد أمراء مصريين من
طيبة، قادوا حركة الكفاح ضد الهكسوس حتی هزموهم بقيادة أحمس الأول وانتهى خطرهم لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل التاريخ، وهي عصر الدولة الحديثة.
عصر الدولة الحديثة ( الأسرات ١٨ - ٢٠ )
( ١٥٧٠ ق.م - ١٠٩٨ ق.م )
مع انتصار أحمس الأول على الهكسوس بدأ عهد جديد لمصر يطلق عليه عصر المجد الحربي، فقد قام أحمس بالاتجاه إلى الجنوب لمواجهة بعض الاضطرابات، ثم قام بإصلاحات داخلية وبدأت مصر في تكوين جيش قوي يحقق طموحاتها في تكوين إمبراطورية واسعة والحفاظ
على أمنها في مواجهة أي أخطار داخلية أو خارجية.
الخصائص التي تميز بها عصر الدولة الحديثة
١ - تكوين إمبراطورية مصرية واسعة خاض ملوكها العظام حروباً دفاعية قوية في عهد الملك تحتمس الثالث قائد معركة مجدو عام ١٤٧٩ ق.م، والملك رمسيس الثاني الذي خاض معركة قادش عام ١٢٧٤ ق.م مع الحيثيين في آسيا، وانتهت بعقد أول معاهدة سلام بين الطرفين.
٢ - القيام بنشاط تجاري واسع مع دول آسيا وإفريقيا، ومنها رحلات الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت.
٣ - قيام أول ثورة دينية يقودها الملك إخناتون للدعوة إلى عبادة معبود واحد هو آتون، وبعدها دخلت البلاد في حالة من الفوضى، حتى قضى عليها الملك «حور محب» بإصداره القوانين والتشريعات لتحقيق الاستقرار الداخلي، فاعاد للبلاد أمنها واستقرارها.
ويعد رمسيس الثالث آخر الملوك العظام والذي خاض أول المعارك البحرية لمواجهة شعوب البحر المتوسط، وانتصر عليهم.
وبدأت فترة نهاية حكم الدولة الحديثة بضعف نفوذ الملوك وسيطرة كهنة آمون على الحكم.
العصر المتأخر ( الأسرات ٢١ - ٣٠ )
( ١٠٩٨ ق.م - ٣٣١ ق.م )
انتهى عصر الدولة الحديثة ، وبدأ عصر الضعف والاضمحلال، عاشت فيه البلاد حالة من التفكك وخسرت كل ممتلكاتها في الخارج وسيطر عليها الاحتلال الأجنبي بداية من الاحتلال الفارسي وانتهاءاً بالاحتلال اليوناني ما عدا فترة قصيرة سميت تاريخياً بعصر النهضة ( الأسرة ٢٦ ) وأشهر حكامها إبسماتيك الأول وابنه نكاو.
من خلال ما سبق يمكن القول بأن الحضارة المصرية القديمة تميزت بعدة خصائص مهمة.
خصائص الحضارة المصرية القديمة
١ - القدم
قامت في مصر أقدم حضارة في العالم؛ أذ يبلغ تاريخها الحضاري أكثر من سبعة آلاف عام.
٢ - الأصالة
أنشأ المصريون حضارتهم معتمدين على عقول وجهود أبنائهم.
٣ - التواصل الحضاري
لم تعش الحضارة المصرية منعزلة، بل نشرت في العالم نور المعرفة والعلم، وتأثرت بها حضارات الشرق والغرب بمستويات مختلفة.
٤ - التدين
تعتبر الحضارة المصرية من أقدم حضارات العالم اهتماماً بالدين وميلاً إليه، واعتنق أبناؤها التوحيد وعبادة إله واحد.
٥ - التقدم
تقدمت مصر في جميع المجالات، وتركت للبشرية نماذج من العلوم والآداب والغنون أذهلت عقول العلماء.
٦ - الاستمرارية
استمرت الحضارة المصرية آلافاً من السنين دون انقطاع.