إرنست رذرفورد | أول من وضع أساس النشاط الإشعاعي العالم رذرفورد
مقدمة
موضوعنا اليوم عن العالم الكبير إرنست رذرفورد، الذي يعد واحداً من أفضل علماء الفيزياء وأكثرهم شهرة، لما له من إنجازات وإسهامات علمية عظيمة في مجال الفيزياء لا تقل في أهميتها عن إنجازات آينشتاين وماكس بلانك وجوزيف جون طومسون، فقد لمع نجم رذرفورد في سماء الفيزياء والكيمياء، إذ يعتبر رذرفورد أول من وضع أساس النشاط الإشعاعي حتى صنف كواحد من أشهر مؤسسي علم الفيزياء النووية، ولهذا لقب بـ "أب الفيزياء النووية"، وقد تمكن العالم رذرفورد من معرفة العمر المنصف للعناصر المشعة، وبين أن النشاط الإشعاعي يشتمل على تحول العنصر الكيميائي إلى عنصر آخر، كما وضع نظريات ساعدت العلماء الآخرين في فهم العديد من المصطلحات الفيزيائية والكيميائية، بالإضافة إلى أنه اكتشف نواة الذرة، واقترح نموذجه الذي سمي باسمه "نموذج رذرفورد للذرة" الذي يشبه النظام الشمسي، والذي بين فيه أن نواة الذرة تتركز فيها معظم كتلة الذرة وأن الإلكترونات الخارجية تدور حولها في مدارات دائرية، وبناءاً على كل هذه الاكتشافات حصد رذرفورد الكثير من الجوائز العلمية القيمة على رأسها جائزة نوبل في الكيمياء عام ١٩٠٨م تقديراً لجهوده العظيمة في خدمة الفيزياء وتطورها.
مولده
ولد العالم البريطاني رذرفورد في نيوزيلندا وبالتحديد في مدينة نيلسون في ٣٠ من أغسطس عام ١٨٧١م لأب كان يعمل مزارعاً للكتان وأم كانت تعمل في التدريس، فتعلم رذرفورد من أبيه الكد والاجتهاد، وتعلم من أمه حب العلم والمعرفة.
حياته العملية
تعليمه
تعلم رذرفورد في جامعة كانتربري، وجامعة كامبريدج، وكلية الثالوث في كامبريدج، وكلية نيلسون.
معلمه
تعلم رذرفورد على يد أستاذه العالم الكبير جوزيف جون طومسون (مكتشف الإلكترون).
شهاداته الجامعية
حصل رذرفورد على بكالوريوس في الفنون، وماجستير في الآداب، وبكالوريوس في العلوم، ودكتوراه في العلوم.
مشرف الدكتوراه
أشرف البروفيسور ألكسندر ويليام بيكرتون وكذلك العالم جوزيف جون طومسون على تدريس رذرفورد أثناء تحضيره للدكتوراه.
وقد كان رذرفورد يعمل موظفاً في جامعة مانشستر وجامعة مكفيل وجامعة فيكتوريا الموجودة في مانشستر، كما عمل أيضاً في معمل كافيندش تحت إشراف جوزيف جون طومسون، حيث اهتم هناك بدراسة الأشعة الصادرة من عنصر الراديوم.
أهم اكتشافات رذرفورد
اكتشاف جسيمات ألفا
اكتشف لأول مرة أن أشعة ألفا (والتي لم تكن معروفة في ذلك الوقت) كانت قادرة على الإنحناء تحت ضغط الحقول الكهربائية والمغناطيسية، وقد تمكن العالم رذرفورد عام ١٩٠٨م من كشف هوية هذه الجسيمات، وبين أنها أنوية هيليوم تحمل شحنة كهربائية، والتي تبين فيما بعد أنها تتكون من ( ٢ بروتون + ٢ نيوترون )، وقد تم هذا بعد اكتشاف النيوترون.
بتفصيل أكثر توصل العالم إرنست رذرفورد إلى مكونات الإشعاع الصادر من عنصر الراديوم أثناء عمله في جامعة ماك جيل الموجودة في مونتريال بكندا، وأثبت أنه يتكون من ثلاث مكونات وهي :
أشعة ألفا
وهي جسيمات ذات شحنة موجبة ذات مدى قصير، وتتكون من أنوية ذرات الهيليوم ( ٢ بروتون + ٢ نيوترون )، هذه الجسيمات تنبعث من الجسم المشع أثناء تحلل ذراته.
أشعة بيتا
وهي جسيمات ذات شحنة سالبة ذات مدى أكبر من مدى أشعة ألفا.
هذه الجسيمات تتكون من إلكترونات سريعة تقترب سرعتها من سرعة الضوء، وهذه الجسيمات تنبعث من نواة الذرة نتيجة لتحلل نيوترونات النواة.
أشعة غاما
وهي موجات كهرومغناطيسية ذات تردد عالي ومدى كبير تنبعث من الجسم المشع.
هذا النوع من الأشعة له قدرة عالية على النفاذ في المواد الصلبة.
بعد مغادرته لكندا
بعد عودة رذرفورد إلى إنجلترا انتقل إلى جامعة مانشستر عام ١٩٠٧م، حيث استكمل هناك دراساته وبحوثه على المواد المشعة وكانت نتيجة أبحاثه تلك؛ معرفته لمكونات الذرة، وذلك من خلال سلسلة من التجارب التي أجراها لدراسة التصادم بين أشعة ألفا والعناصر المختلفة، وتوصل في النهاية إلى وضع "نموذج رذرفورد للذرة" وفيه وضع تصوراً عاماً لشكل الذرة وأثبت أنها تتكون من نواة ذات شحنة موجبة وإلكترونات خارجية سالبة تدور حولها.
أهم إنجازات رذرفورد
- رذرفورد هو أول من اكتشف جسيمات ألفا وبيتا وغاما.
- قام رذرفورد بصياغة مصطلحات أشعة ألفا وبيتا وغاما.
- قام بوصف جزيئات ألفا بأنها نواة لعنصر الهيليوم.
- أثبت أن النشاط الإشعاعي هو تفكك تلقائي للذرات.
- أول من قام بوضع أساس نظرية النشاط الإشعاعي.
- قام بصياغة قوانين الإضمحلال الإشعاعي بالتعاون مع العالم فردريك سودي، كما قاما هما الاثنين بوصف نظرية تفكك الذرات.
- قام بوضع فرضية وجود النيوترون.
- أسس نموذجاً لوصف الذرة سمي باسمه (نموذج رذرفورد للذرة)، حيث أثبت فيه أن الذرة تحمل شحنة موجبة، وأن نواة الذرة تتركز فيها معظم كتلة الذرة.
- يعتبر العالم رذرفورد أول من أنتج التفاعل النووي في عنصر ثابت.
نموذج رذرفورد للذرة
يعتبر "نموذج رذرفورد للذرة" من أهم إنجازات العالم رذرفورد طوال مسيرته العلمية، فقد شرع في بناءه هو ومساعده هانز عام ١٩٠٨م، حيث قاما ببناء كاشف لجسيمات ألفا، وبمساعدة طالبه إرنست مارسدن قام بعمل دراسة مكثفة على جسيمات ألفا، الغرض منها معرفة ما إذا كانت هذه الجسيمات ستنحرف عن مسارها أم لا، وقد استخدم رذرفورد في تجربته رقائق الذهب، وأثناء أداء التجربة لاحظ رذرفورد أن جسيماً واحداً من كل ٨٠٠٠ جسيم انعكس من رقاقة الذهب بدلاً من المرور من خلالها.
قدم رذرفورد تفسيراً فحواه أن الانعكاس يمكن أن يحدث إذا كان هناك شيء صغير جداً يحمل شحنة كهربية وحجمه أكبر من جسيمات ألفا.
انتهت هذه التجارب بوضع رذرفورد لفرضيته الشهيرة، التي فحواها أن الذرة عبارة عن نواة صلبة تحمل شحنة موجبة، وهذه النواة تتركز فيها معظم كتلة الذرة، كما تدور حولها إلكترونات ذات كتلة صغيرة تحمل شحنة سالبة في مدارات دائرية.
في البداية تعارضت فرضية رذرفورد للذرة مع الفيزياء الكلاسيكية وفي عام ١٩١٢م اجتمع العالم الدنماركي نيلز بور مع العالم رذرفورد في بريطانيا؛ للعمل على نموذج رذرفورد، وقد اعتمدوا في ذلك على تطبيق نظرية الكم الفيزيائية للعالم الألماني ماكس بلانك، وبناءاً على نظرية الكم فإن الإلكترونات لا يمكنها أن تفقد أو تكتسب الطاقة إلا بكميات ثابتة يطلق عليها اسم "الكوانتا"، لم يسقط الإلكترون في النواة لأنه لم يغير مداره، وقد اعتبر هذا النموذج من ضمن النماذج المهمة في دراسة بنية الذرة.
ثمر إنجازات رذرفورد
أبرز جوائز رذرفورد العلمية
- وسام رمفورد ( ١٩٠٤م ).
- جائزة نوبل في الكيمياء ( ١٩٠٨م ).
- وسام إليوت كريسون ( ١٩١٠م ).
- ميدالية ماتيوتشي ( ١٩١٣م ).
- الميدالية البيكرية ( ١٩٢٠م ).
- وسام كوبلي ( ١٩٢٢م ).
- وسام فرانكلين ( ١٩٢٤م ).
- وسام ألبرت ( ١٩٢٨م ).
- وسام فاراداي ( ١٩٣٠م ).
- جائزة المحاضر لفاراداي ( ١٩٣٦م ).
- ميدالية ويلهلم إكسنر ( ١٩٣٦م ).
تكريم رذرفورد
- حصل على وسام الفارس عام ١٩١٤م.
- حصل على وسام تعظيم عام ١٩٣١م.
- أعطي منصب رئيس معهد الفيزياء عام ١٩٣١م.
- ورث نفس منصب معلمه جوزيف جون طومسون بمنصب بروفيسور في جامعة كامبريدج.
- حصد الكثير من الزمالات وشهادات التكريم من عدة جامعات مختلفة.
- في عام ١٩٩٧م تم تسمية العنصر الكيميائي ١٠٤ في الجدول الدوري باسم "رذرفورديوم Rf" تكريماً للعالم رذرفورد.
- قامت الموسوعة البريطانية بتصنيفه كأفضل المجربين منذ العالم مايكل فاراداي.
وفاة العالم رذرفورد
في عام ١٩٣٧م رحل العالم الكبير إرنست رذرفورد من عالمنا عن عمر يناهز ٦٦ عاماً في كامبريدج، بعد مسيرة علمية اتسمت بالجد والاجتهاد والبراعة والتألق، بعد أن ترك لنا علماً غزيراً مازلنا ننهل منه حتى اليوم، وقد ساعد هذا العلم في تقدم علم الفيزياء وتطوره.